الأنوثة ليست كينونة منفردة بل هي مبدأ كلي هو جوهر الحياة ، فالمرأة هي رمز للحقيقة الإلهية و صورتها رمز معرفة لا رمز هوية و وجود ، فبالصورة يتصور الإنسان المعرفي نفسه متجسداً و هذا التجسد يسهل التعبير و هذا التجسد ايضاً هو محل انفعال و كل ما سوى الله منفعل أي محل لتلقي و التأثر بالفعل الإلهي و لذلك سرت الأنوثة كمبدأ كوني على كل الموجودات ، فالكون محل لفعل الخالق فالكون أنثى او كما قال ابن عربي " فلنحمد الله ما في الكون من رجل " .و المحل مرآة و لهذا فالمرآة تجسيد لمبدأ الأنوثة و المرأة في الرؤية الصوفية هي فضاء جمالي يشهد فيه الصوفي تجليات و آثار الجمال الإلهي المطلق و الاستغراق فيه و هي محل اصلي لهذه التجليات المتمثل في الأعيان الثابته اي الحقائق الباطنية للأشياء و كل تجل يعطي خلق جديد و يذهب بخلق في اطار فاعلية الادماج و التوحيد بين العلو المتجلي و الصورة التي يتجلى قبلها و يضع اللامرئي و المرئي و الروحي و المادي في تجانس و انسجام .
وهذه الرؤية تجعل العالم مكاناً في غاية الجمال و الروعة فالعالم يمثل ظاهر الألوهية التي هي أعيان صور الموجودات فالله جميل يحب الجمال لذلك صنع العالم على شاكلته فجوهر تجليات اللله في الوجود هو عينه معنى الجمال الالهي .
و هو كذلك بمثابة اطار فني لتذوق و رؤية العالم بمفهوم ايروتيكي له مفاهيمه الخاصه عن الحب و العشق و العلاقة بالانثى لذلك انعكست كونية الجمال الالهي على مفهوم الحب فهو ليس مجرد انفعال شيقي بل حركة تسري في كل الكائنات تنزع فيها الى الاصل النوراني او الحق فكل ما كان من النور كما قال الرومي يحن لأصله و كما قال السهروردي كل ما يلتمس النور انما جاء من النور و الله نور الأنوار خرجت من نوره المرأة ، " المرأة من نور الله فهي ليست حبيبة او حتى مخلوقة انما هي خلاقة " جلال الدين الرومي .، هي و كل الأنوار الأخرى التي يقوم عليها العالميين المادي و الروحي و هنا افتتن الصوفية بالمرأة النورانية كرمز للافتتان بالوجود و الحنين للأصل و يكون ذلك في شكل حس اغترابي يترقى به الانسان و لا يكون الا لأصحاب المواجد و هذا هو العشق يظهر فيه حنين المنفعل إلى الفاعل ، حنين المتجلى فيه إلى المتجلي ، حنين صورة النفس للاتحاد مع صورة الروح لتكتمل الدائرة و تكون طريقاً للمعشوق * .
" فالمرأة تكونت على صورة الرجل و تكون الرجل على صورة الله فيكون العشق حنين الصورة للأصل و حنين الأصل للصورة " كما قال ابن عربي .
و هذه الرؤية لمبدأ الأونثة الذي يقوم عليه الوجود كله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق